الجمعة، 24 ديسمبر 2010

ظــلال آدم والمنيـرفا يتنسمـا الضـوء

بقلم: رشا ماهر البدري

توقفت لأفكر في حياتي، فوجدت أنني أدرس في المجال الذي لا أحبه، وسأتخرج بشهادة في مجال لن أعمل به مطلقًا, فقررت ترك الدراسة رغم اعتراضات من حولي -ممن يرون أن المستقبل هو شهادة علي الحائط أيًا كانت, وأنها وضع إجتماعي مطلوب تحقيقه- وتذكرت أنى كنت أهوى الرسم منذ صغري، وقد تعلمت الرسم من أخي الأكبر قبل أن أتعلم القراءة والكتابة، ففكرت في الانضمام لكلية الفنون الجميلة، ثم سرعان ما غلبتني طبيعتي التي تعشق الحرية والفكر الحر، فدرست الفن التشكيلي ذاتيًا... أخذت أشتري الكتب المتخصصة وأطلع عليها بنهمٍ. أقرأ في بدايات وتاريخ الفن التشكيلي وأسسه، فذبت بين اللوحات وعبير الفنانين العظماء. كما ساعدني الانترنت كثيرًا في الوصول إلى التفاصيل الزاخمة والتطورات المذهلة."

حوار دار بيني وشاب صادق ذو رؤية حكيمة وحس مرهف، يخلق بريشته عالم متجدد الرسالات، ويُنهض الأفكار من مرقدها.. من رمادها ليجسدها نارًا تطاير للسماء. شاب تتماس رؤياه مع أنسي الحاج في ديوان الوليمة حينما قال: "بين الحطام فتحت عيني، فأبصرت نورًا كوهج النَمِر، وبَدَل أن أستسلم للرقاد تحت الحجارة، نهضت، ورحتُ ألمع على رؤوس الأعشاب...". إنه الفنان التشكيلي، مصمم الجرافيكس، المصري: "عبدالرحمن الصواف". أخرج/ أنتج لنا العديد من اللوحات تتسم في مجملها بالحوار/الصراع بين: الخير والشر، الغموض والوضوح، القوة/الوحشية والضعف/ الإئتناس، الحياة والموت، السماء والأرض، الواقع والأسطورة...

فنجد في لوحة "الطريق إلى الجنة": تدرج الألوان بين البني والأخضر والأصفر، لرجل يجلس على مقعد مرتخيًا ساهبًا يعلوه شبح الموت متشحًا بالسواد.. وكأن روحه صعدت من جسده توًا، على حين غرة منه.. وأسفل يده تفاحة مقضومة قضمة على هيئة قلب، رمزًا لإغتوائه وفتنته بالدنيا، فجاءت روحه/ظله سوداء تصعد سلمها في تردد نحو العلا... فالطريق إلى الجنة محفوف بالمخاطر.


وفي لوحته "بين الحياة والموت 30X 40سم": نجد إنسان وديع حزين نصفه الأدنى شجرة... لحاء شجرة تمتد جذورها في الأرض لينشب منها ميلاد يد جديدة، ونصفه الأعلى جسده الذي يحمل قلبه في يده اليسرى ويقف فوقه صقر الجير-ذلك الطائر الجميل الشبيه بالحمامة في وداعتها، أندر وأجرأ وأشرش أنواع الصقور- وتوضع ساعة مكان القلب بصدره، ويده اليمنى تتحول ببطىء لفرع شجرة تفاح، يعلوه صقر الجير أيضًا!. بالإضافة لباب مغلق لونه لون اللحاء، مثبت بالأرض على مرمى ليس ببعيد عن الإنسان الشجرة.. مثبت على نحو مائل ليتصل بالسحب، وكأنه نافذة الوصول. فبين الحياة والموت "الزمن" المحسوب علينا.


أما لوحة "قناع لألف شبح 70X 100سم"، فتوحي لنا بالظلال الآدمية اللامنتهية.. لوحة بها قناع موحش دون روح، لمسخ ذو شعر كثيف وملامح ضخمة، تتمركز جبهته ريشة ما تأخذ لونه الأحمر القاني.. قناع يجلس في قلب كرسي ضئيل الحجم، مصنوع من خشب ما يُشبه العظام، وينعكس ظلهما على نحو مختلف تمامًا لما نراه في الأصل! فنرى إنحناءات الوجه والريشة على هيئة تفاحة... فماذا يقول لنا الصواف/ آدم/ الإنسان؟؟ إنه الإغواء الموحش على كرسي الاعتراف تعلوه ريشة المسؤولية.


ولوحته "وجهان لكل روح 70X 100سم": رجل وجهه باسم يشبه قناع بطل الفيلم الأمريكي Vendetta أو "الثأر"، يرتدي بنطال أخضر، وقميص أصفر، وجاكت أسود، وبيبيون أحمر عريض، وقبعة سوداء، داخل إطار مفرغ يتخذ رسم المُعيّن... ملابس وملامح تجعله أشبه بالبلياتشو، ملامح لرجل يخفى وراءه -في يده- قناع آخر لسيدة مفزوعة، مع إختلاف إتجاه موضع قدماه. وكأن الصواف يريد أن يعبر لنا عن إختلاف الأوجه للروح الواحدة مع نسب متساوية/ متطابقة من الأحداث. الإطار يرمز لنافذة الرؤية المتساوية الأضلع والمشتركة القاعدة، فكلانا آدم وحواء، إيزيس وأوزوريس... نواجه المصير ذاته، بل والفرد ذاته يحمل سمات النوعين "الذكر والأنثي".


ولوحة "النبـي 70X 100سم"، واضحة البيان من الوهلة الأولى... جسد لإنسان/ نبي ممزق يتدفق دمه من جراء رمح كبير يرشق في ظهره لينفد في معدته تجاه السماء الملبدة بالغيوم. جسد معلق بين السماء والأرض يقع من يديه كتابه.. رسالته المكلف بها.. رسالته المهترئة والمشعة نورًا. جسد يُدق بجبهته طوق من شوك زيادة في إيلامه وتأكيدًا لمعاناته، وكأنه المسيح عيسى بن مريم.
تبدأ اللوحة بنهر يتكون من ذرات الدماء المتدفقة من جسد النبي المرتفع للسماء، لتنتهي بتقشع الغيوم شيئًا فشيئًا وظهور نور أقصى اليمين يتوازى مع نور كتابه المفتوح... غيوم رمادية شديدة الكثافة تمتد رأسيًا وأفقيًا لتوضح صعوبة وقسوة الطريق، في أسلوب منمق يراعي التفاصيل الدقيقة وقسمات الألم.


وفي لوحة "شِبه رجل 70x 100سم"، نجد نوع آخر من البشر، أو لنقل كائن ذو طبيعة مزدوجة.. قمة الخير وقمة الشر –أبراكسس Abraxas- رجل مفتول العضلات رأسه رأس ديك.. تذكرني بقصيدة في حارتنا ديك لنزار قباني: "في حارتنا ديك، يصرخ عند الفجر، كشمشون الجبار، يطلق لحيته الحمرا، ويقمعنا ليلًا ونهارًا، يخطب فينا.. ينشد فينا... يزني فينا؛ فهو الواحد.. وهو الخالد، وهو المقتدر الجبار...". رؤية تمزج بين القدرات الخارقة (الشيطانية/ التعاويذ/ الجبروت/ الإله المصري القديم...) والإنسان بفَصّيه (الخير والشر/ الروح والجسد... إلخ).

إن الهبة تظهر بمفرداتها في شتى لوحاته فتؤكد جمال موهبته، المعبر عنها بحركة تشكيلية جديدة تتواكب مع تطور العصر. ألا وهى الرسم الرقمي Digital Painting، ذلك الفن الذي لم يأخذ حظه من المعرفة والانتشار بمصر حتى الآن، والذي قد يُعرف على نحو خاطيء بفن التصميم الرقمي Digital Design Art. هذا بالإضافة لصقل موهبته بدراسة فن الجرافيك باشتراكه في دورات عالمية في التصميم قدمها "كولين سميث" الحائز على جائزة أفضل مصمم فوتوشوب من شركة أدوبي المصنعة للبرنامج نفسه. ومن ثم استطاع إختزال موهبته –بداية- في تصميم أغلفة الكتب على غرار الفنانين الذين أثروا حياتنا برسوماتهم على أغلفة المجلات والكتب مثل محي الدين اللباد وجمال قطب.. وغيرهم ممن تأثر بهم الصواف فحلم بصنع بصمته وعلامته المميزة في هذا الفن الجميل.

لقد انغمس الإنسان في لعبة الألوان إلى حدِّ أن الديانات القديمة اعتبرت اللون رمزًا مقدسًا، حتى أصبح الأبيض رمزًا للعفَّة والطهر والنقاء، والأسود للحزن وللموت، البُني للغموض والمثابرة والأرض، والأصفر للخبث والحسد والاحتضار، والأحمر للعنف، والأزرق للوفاء وحب الطبيعة، والأخضر للرجاء والأمل.. إلخ، وقد تأثر الصواف كثيرًا بهذا التصنيف في مجمل أعماله مع غلبة الأحمر والأسود والأخضر والأصفر!
والمنيرفا/ أثينا/ إيزيس هي ربة الحكمة والقوة، وربة الحرب والملاحة، حامية المدينة... تتخذ دورها المقدس –على نحو غامض- بمآزرة آدم أبو البشرية، كحواء في ثوب جديد بين الأسطورة والواقع في ظلال عالم عبد الرحمن الصواف الذي يتسم بالتنوع والثراء للرؤية الواحدة.

هكذا يكون التعلم ... هكذا تكون العزيمة التي تفرض علينا التوجه السليم نحو رؤية الحق والخير والجمال، والتي سجلت لنا روح فنية متميزة سنرى معرضها الرقمي في القريب العاجل.


****

الخميس، 29 يوليو 2010

مسافر فوق بحر من الضباب... فريدريش


مسافر فوق بحر من ضباب للفنان الألماني كاسبار ديفيد فريدريش 1774/ 1840
Caspar David
Friedrich (September 5, 1774 – May 7, 1840

يقال أحيانًا أنه ما من لوحة في تاريخ الفنّ كلّه استطاعت أن تحظى باهتمام الفلاسفة والمؤرّخين وأدباء الحداثة بمثل ما حظيت به هذه اللوحة.
فالرسّام استطاع أن يختزل مشاعر ومزاج عصر بأكمله من خلال وقفة الرجل ونظرته المتأمّلة بعمق.
صحيح أن العالم مفتوح أمامه إذ يقف في ذلك المكان المرتفع الذي يُفترض انه يرى منه كل شيء أمامه وتحته. ومع ذلك فالعالم ما يزال بالنسبة له لغزا يلفّه الضباب ويستعصي على الفهم.
ومعظم المشهد محجوب عن أنظارنا. والمسافر هنا مكشوف جزئيا فقط. حيث أننا لا نراه سوى من الخلف. وليس هناك ما يدلّ على حقيقة تعابيره سوى طريقته في الوقوف التي ربّما تكون المؤشّر الوحيد على مزاجه.
يقول بعض النقاد إن الشخص الواقف أمامنا ليس سوى الفنان نفسه. لكنّ كلّ ما نراه هو رجل غارق في لقاء تأمّلي مع الطبيعة.
والطبيعة هنا لا تكشف سوى عن جزء يسير منها. ورحلة المسافر إلى هذا المكان توفّر له أفقا أوضح وأكثر رحابة ممّا هو متوفّر أسفل.
ومع ذلك، ليس هناك وضوح تام، إذ يتعذّر رؤية ما وراء الضّباب وإن كان بالإمكان محاولة التنبّؤ بما يخفيه.
ورغم مرور كلّ هذه السنوات على ظهور اللوحة، فإنها ما تزال تحتفظ بهالتها وجاذبيّتها وصِلَتها الوثيقة بروح ومزاج عصر الحداثة وما بعدها. وقد أصبحت ترمز إلى غربة الإنسان المعاصر وإلى المستقبل المجهول ومعاناة الإنسان الذي يجد نفسه تائها وهو يبحث عن هدف للوجود أو معنى للحياة.
ولد كاسبار فريدريش في العام 1798 م. وطوال حياته كان شخصا تقيّا متأمّلا مع شيء من التشاؤم والسوداوية. توفيت أمّه وهو في السابعة من عمره، وبعد ستّ سنوات توفي شقيقه بينما كان يحاول إنقاذ كاسبار من الغرق. هذا الحادث ترك أثرا عميقا على شخصية الفنان، فظلّ طوال حياته واقعا تحت هاجس الموت والطبيعة والخالق. وفي بقعة منعزلة من الطبيعة الجميلة وجد كاسبار بعض العزاء والإلهام. كان يسافر إلى ساحل البلطيق ويزور منطقة الجبال هناك. ويبدو أن تلك المناظر الجليلة وفّرت له موضوعات وأفكارا غنيّة للرسم. وخلال أسفاره، كان فريديريش يرسم لوحات ذات موتيفات محدّدة مثل أقواس قزح وأشجار السنديان الضخمة التي كان يراها كثيرا في تلك البقعة. ولأنه وُهب القدرة على ملاحظة الطبيعة وتأمّلها، فقد كان ميّالا للتعبير عنها بعيني مؤمن تقيّ، ما أنتج لوحات ذات قوّة تعبيرية وروحية هائلة.
ويقال إن أعظم انجازات فريدريش هو قدرته على تحويل مناظر الطبيعة إلى كشوفات سايكولوجية وروحية وتعبير مبدع عن الذات. ولوحاته هي من ذلك النوع الذي يُشعِر الإنسان بالتوق الشديد واستدعاء التطلعات والأحلام البعيدة. وقد رسم هذه اللوحة وكأنه يدعو المتلقي إلى النظر للعالم من خلال عدسة الفنان وإدراكه الخاص.
كان فريدريش مفتونا بفكرة الالتقاء بالطبيعة في حال من التأمّل والعزلة. وكثيرا ما كان يرسم شخوص لوحاته من الخلف، وهو ما أصبح ملمحا مهمّا من ملامح التجربة الرومانتيكية في نظرتها إلى الطبيعة والفنّ. في اللوحة يركّز الفنان على عناصر التباين. فالطبيعة هنا لا تكشف عن أيّ جمال ظاهري ملفت، بل تعمّد الرسّام التأكيد على رؤيته الخاصة لوظيفة الفن، وهي إبراز الطريقة التي تجعلنا من خلالها الطبيعة نتوق لشيء لا يمكن بلوغه، قد يكون الجنّة الكامنة في طفولتنا حسب التفسير الفرويدي.
وقد عُرف عن فريدريش انه كان مهوسًا بفكرة الموت وما بعد الحياة. وهو في جميع أعماله تقريبا يؤكّد على أن الموت لا ينتظرنا في المقبرة فقط، بل يترصّدنا خلف السحب الداكنة أو أمام قارب اختفى نصفه في السديم أو وراء المدخل المؤدّي إلى أعماق الغابة.
بحلول منتصف القرن التاسع عشر، كانت لوحات فريدريش قد نُسيت تماما تقريبا، وظلّت مجهولة حتى بداية القرن العشرين عندما أعاد الرسّامون الرمزيون اكتشافها ووجدوا أنها زاخرة بالرؤى والمعاني العميقة. ومن أشهر من تأثروا به السويسري ارنولد باكلين والنرويجي يوهان دال. ومن المؤسف أن بعض أشهر لوحاته تعرّضت للتدمير والتلف عندما استهدفت طائرات الحلفاء بعض المتاحف في درسدن وميونيخ خلال الحرب العالمية الثانية.
الجدير بالذكر أن لوحات كاسبار فريدريش وموسيقى بيتهوفن أسهمت معا وبشكل كبير في التعبير العميق عن الرومانتيكية الألمانية.

الفــردوس.. جيفري بيدريك


ولد الفنان الأمريكي المعاصر جيفري بيدريك في العام 1960 ولقيت موهبته الفنية اعترافًا مبكرًا، أي منذ حوالي منتصف السبعينات. انتج الفنان لوحات فنيه كثيرة تعالج مواضيع متعددة ومتنوعة، كما أقام معارض عديدة داخل الولايات المتحدة وخارجها.وبيدريك مصنف ضمن قائمة اشهر ألفي فنان ومصمم في القرن العشرين.لوحته "الفردوس" هي اشهر أعماله الفنية وأكثرها رواجا وتداولا، وهو في اللوحة يجمع بين تأثيرين مختلفين: الأول يتمثل في أسلوب فنان الفانتازيا الكبير ماكسفيلد باريش، والثاني أسلوب زميله السوريالي نك هايد.فكرة هذه اللوحة استمدها الفنان من الأسطورة الإغريقية القديمة عن حدائق الفردوس Elysian Fields التي يذكر هوميروس أن بها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت من صنوف المتع والملذات.وطبقا للأساطير اليونانية يقع الفردوس في أقصى الطرف الغربي من الأرض على ضفاف نهر اوقيانوس.في تلك البقعة التي يذهب إليها الصالحون والأتقياء بعد موتهم لا عواصف ولا ثلج ولا حرارة ولا برد، بل هواء منعش معتدل تحمله نسائم المحيط، وأنهار من حليب وعسل وبساتين من أعناب وفاكهة من كل صنف ولون.
والفردوس هو مستقر الأرواح وارض الأبطال والشعراء والكهان الذين لا يموتون بل يحيون حياة أبدية.
هنا عاش اخيل مستمتعا بالصيد والطعام والشراب الوفير، وفي حدائق الفردوس كان يتجول هرقل بصحبة غيره من الأبطال والشعراء مستمتعين بالمروج الخضراء والفاكهة اللذيذة والهواء المنعش الواهب للحياة وأشعة الشمس الأرجوانية وأنغام الموسيقى التي تتردد أصداؤها في سماء الفردوس.
من الواضح أن حدائق الفردوس تشبه ما رسخ في أذهان معظم الناس عن الجنة، فلا يدخلها سوى كل تقي صالح، أما الأشرار الفاسدون فيذهبون إلى "تارتاروس" حيث يتعرضون هناك لعذاب النار الأبدية
.في اللوحة المتوهجة بالأزرق وظلاله، تبدو الجنة معلنة أمجاد الإله، والسماوات لاهجة بجمال صنع يد الخالق، وكأن العالم الروحي يشبه في بهائه وتساميه العالم الطبيعي، حيث الجبال والمروج والتلال والأنهار والحدائق والسهول والبحيرات .والفارق الوحيد بين العالم الروحي والطبيعي هو أن عناصر العالم الأول ليست ثابتة أو استاتيكية وإنما محكومة بخصائص عالم الروح.تحدث عن حدائق الفردوس الكثير من الفلاسفة والكتاب أمثال هوميروس وفرجيل ودانتي وفريدريش شيللر وأطلق الفرنسيون هذا الاسم على اكبر شوارع عاصمتهم: الشانزيليزيه Champs-Elysées
لوحة الفردوس لجيفري بيدريك حققت رواجًا كبيرًا في فترة وجيزة، بسبب فرادة موضوعها وجمال تنسيق العناصر والألوان فيها وعلى نحو يبعث في النفس الراحة والسكينة.


ابن الإنسان.. ماغريت


ولد رينيه فرانسوا ماغريت عام 1898درس الرسم في بروكسل وسيطر على فنه اسلوب قريب جدا من السريالية. في لوحاته يحاول رينيه ماغريت ان يفتح للناظر نافذة يطل من خلالها على الجانب المظلم من العقل. يقال ان والدة الرسام كانت امرأة غير سعيدة في حياتها وقد انتحرت ذات يوم بعد ان القت بنفسها في مياه النهر. وعندما انتشلت جثتها بعد ايام كان جسدها عاريا ووجها مغطى بطرف فستانها، وقد رأى ماغريت جثة والدتهعند استعادتها من الماء، ولم تبرح تلك الصورة المزعجة ذاكرته حتى وفاته. وبعد مرور سنوات على الحادثة رسم الفنان مجموعة من اللوحات التي يظهر فيها اشخاص غطيت وجوههم ورؤوسهم بقطع من القماش.من اكثر جمل ماغريت ترددا "الكلمات بلا معنى، اننا من نخلع عليها المعاني التي نريد وبطريقة متعسفة في اغلب الاحيان. أهمها وأولوها لوحتنا هذه "ابن الانسان The Son of Man, 1964".
"جدارًا، تفاحة خضراء في فم رجلًا مجهولًا تعليه قبعة تدثر بقية ملامحه". يوضح لنا فيها ماغريت أن كل شيء نراه يحوى شيئًا غامضًا في الما وراء، والإنسان يتوق دومًا لرؤية ما يختفي فيما وراء ما يراه.

تــداعــي الذاكــرة.. دالــي


سلفادور دالي (11 مايو 1904 - 23 يناير 1989) (Salvador Dalí) كان فنانًا إسبانيًا كاتالانيًا. يعد دالي من أشهر رسامي القرن العشرين. كرسام بارع، يعرف أكثر لأعماله السريالية - (بالفرنسية: Surréalisme‏) أي "فوق الواقع" وهي مذهب فرنسي حديث في الفن والأدب يهدف إلى التعبير عن العقل الباطن بصورة يعوزها النظام والمنطق وحسب مُنظهرها أندريه بريتون (بالفرنسية: André Breton‏) فهي آلية أو تلقائية نفسية خالصة، من خلالها يمكن التعبير عن واقع اشتغال الفكر إما شفويا أو كتابيا أو بأي طريقة أخرى، وهي "فوق جميع الحركات الثورية". إذن فالأمر يتعلق حقيقة بقواعد إملائية للفكر، مركبة بعيدة كل البعد عن اي تحكم خارجي أو مراقبة تمارس من طرف العقل و خارجة عن نطاق اي انشغال جمالي أو أخلاقي و قد اعتمد السرياليون في رسوماتهم على الأشياء الواقعية تستخدم كرموز للتعبير عن أحلامهم و الارتقاء بالأشكال الطبيعية إلى ما فوق الواقع المرئي. و قد لقيت السريالية رواجا كبيرا بلغ ذروته بين عامي 1924-1929 و كان آخر معارضهم في باريس عام 1947. ومن أهم أقطابها الفنان الأسباني سلفادور دالي (1904-1989). ومن بعض أعماله الفنية "الخلوة"، "تداعي الذاكرة"، "الآثار"، "انفجار الزمن"، و"البناء".- المميّزة بصورها الغريبة الشبيهة بالأحلام.

مهاراته التصويرية تكون منسوبة في أغلب الأحيان إلى تأثير سادة عصر النهضة، ووجد ذوقه الخاص حوالي عام 1929 وتأثر بالنظريات الفيزيائية في عصره حيث نجد الساعات المنصهرة المرتخية علامة على نسبية الزمن، والزرافات المشتعلة. أكمل عمله الأشهر إصرار الذاكرة في عام 1931. بالإضافة إلى الرسم تضمّنت ذخيرته الفنية الأفلام، والنحت، واحتلت زوجته جالا مكانا كبيرا في حياته وأدخلها كعنصر أساسي في كثير من لوحاته. كما عمل في فيلم الرسوم المتحركة القصير الفائز بجائزة أكاديمية وهو دستينو (Destino)، والذي فيه تعاون مع والت ديزني، وتم إصداره في 2003.

وهنا في صورة تداعي الذاكرة/ تحلل إصرار الذاكرة يقوم دالي باحالة أجسام الساعات الى مواد مطّاطة وهلاميّة الشكل، وأخذ يثنيها يمينًا ويسارًا.... وقد طوّر هذا الأسلوب فى فترة لاحقة ليجعل الرموز تختلط بالسحب أو بأية مضامين أخرى تمامًا-كما يتضح أمامنا- كنوع من تحطيم التحكم الزمني والسخط عليه.

الأربعاء، 28 يوليو 2010

العشاء الأخير- دافنشي


حسب الاناجيل المسيحية هو العشاء الأخير ليسوع المسيح مع رسله الاثنا عشر وتلاميذه قبل اختفاءه. اتخذ العديد من الرسامين العالميين العشاء الأخير كموضوع للوحاتهم لعل أهمها هي لوحة الفنان ليوناردو دا فينشي 1498م
علي عكس ما يعتقد الكثيرون فإن الرسام لم يستعمل تقنية الفريسكو - هو أحد أشكال الفن التي يتم من خلالها استخدام الجص كمادة لتمليط أو تجصيص سقف أو جدران بشكل فني. كلمة فريسكو جاءت من الكلمة الإيطالية affresco والتي تعني غض أو طري- في هذة اللوحة بل لجأ إلى التلوين المباشر على الحائط وذلك لكي يحصل علي حرية أكبر في تنويع الألوان وأدى ذلك إلى سرعة تلف اللوحة واحتياجها إلى عمليات ترميم متعددة كان أولها بعد عشرين عاما فقط من إنهائها.
أثارت هذه اللوحة الكثير من التساؤلات عن شخصية ليوناردو دا فينشي حيث تحتوي العديد من العناصر التي لا تنتمي إلى المفاهيم المسيحية التقليدية التي رسمت اللوحة أساسا للتعبير عنها. يعتقد البعض أن هذة اللوحة ضمن العديد من أعمال دا فينشي تحتوي على إشارات خاصة إلى عقيدة سرية مخالفة للعقيدة المسيحية الكاثوليكية التي كانت ذات سلطة مطلقة في ذلك العصر.
أثيرت أسئلة كثيرة حول شخصية يوحنا في لوحة العشاء الأخير للفنان ليوناردو دا فينشي والذي كان موقعه فيها إلى جانب المسيح حيث قدمته الرواية على أنه مريم المجدلية، ولكن بكل الأحوال جنح معظم الفنانين المعاصرين لدا فينشي بإيحاء من روايات التقليد الكنسي على تصوير يوحنا في لوحاتهم على أنه شاب يافع جدا لم تنبت لحيته بعد، وهو ذو ملامح أنثوية تماما كالعادة التي درجوا عليها برسم شبان إيطاليا في ذلك الوقت، وتجدر الملاحظة إلى وجود بعض اللوحات لهؤلاء الرسامين تظهر الرسل الآخرين أيضا بذات المظهر الإنثوي.
وجدير بالذكر أن هذه اللوحة لعبت دورًا أساسيًا في الرواية التى طرحت مؤخرًا لدان بروان الأمريكي شيفرة دافينشي رواية تشويق وغموض بوليسية خيالية نشرت عام 2003.
حققت الرواية مبيعات كبيرة تصل إلى 60.5 مليون نسخة (حتى آذار/مارس 2006) وصنفت على رأس قائمة الروايات الأكثر مبيعاً في قائمة صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية. تم ترجمة الرواية إلى 44 لغة حتى الآن.
تدور أحداثها في حوالي 600 صفحة في كل من فرنسا وبريطانيا. تبدأ بالتحديد من متحف اللوفر الشهير عندما يستدعي عالم أمريكي يدعى الدكتور روبرت لانغدون أستاذ علم الرموز الدينية في جامعة هارفارد على أثر جريمة قتل في متحف اللوفر لأحد القيمين على المتحف وسط ظروف غامضة، ذلك أثناء تواجده في باريس لإلقاء محاضرة ضمن مجاله العلمي. يكتشف لانغدون ألغاز تدل على وجود منظمة سرية مقدسة امتد عمرها إلى مئات السنين وكان من أحد أعضائها البارزين العالم مكتشف الجاذبية اسحاق نيوتن والعالم الرسام ليوناردو دا فينشي. تدور أغلب أحداث الرواية حول اختراعات وأعمال دافنتشي الفنية. اكتشف لانغدون والفرنسية الحسناء صوفي نوفو خبيرة فك الشفرات -والتي يتضح لاحقا أن لها دور كبير في الرواية- سلسلة من الألغاز الشيقة والمثيرة والتي تستدعى مراجعة التاريخ لفك ألغازه وسط مطارده شرسة من أعضاء منظمة كاثوليكية تسعى للحصول على السر.
تأتي الإثارة في صدور هذه الرواية إلى حد منعها من الدخول إلى عدة دول منها الفاتيكان والذي اعترض اعتراضاً شديداً على محتويات الرواية، ذلك لأنها تتناول علاقة المسيح بـمريم المجدلية بطريقة منافية لما هو مذكور بالكتب المقدسة. مُنعت الرواية أيضا من دخول بعض الدول الأوربية والدول العربية مثل لبنان والأردن.

الموناليزا



موناليزا (بالإيطالية: Mona Lisa) أو الجيوكاندا (بالفرنسية: La Joconde‏) هي لوحة رسمها الإيطالي ليوناردو دا فينشي. يعتبرها النقاد والفنانون واحدة من أفضل الأعمال على مر تاريخ الرسم. حجم اللوحة صغير نسبيا مقارنة مع مثيلاتها حيث يبلغ 30 إنشا ارتفاعا و 21 إنشا عرضا.
بدأ دا فينشي برسم اللوحة في عام 1503 م، وانتهى منها جزئيا بعد ثلاث أو أربع أعوام، فيما تم الانتهاء من أجزاء من اللوحة عام 1510. وهي لسيدة إيطالية تدعى ليزا ديل جيوكوندو (1479-1542) زوجة للتاجر الفلورنسي فرانشيسكو جوكوندو صديق دا فينشى والذي طلب منه رسم اللوحة لزوجته عام 1503.
للمشاهد العادي أهم ما يميز لوحة الموناليزا هو نظرة عينيها والابتسامة الغامضة التي قيل إن دا فينشي كان يستأجر مهرجا لكى يجعل الموناليزا تحافظ على تلك الابتسامة طوال الفترة التي يرسمها فيها. إختلف النقاد والمحللين بتفسير تلك البسمة، وتراوحت الآراء بسر البسمة بدرجات مختلفة إبتدأ من "إبتسامة أم دا فينشي" وانتهاءا "بعقدة جنسية مكبوته لديه".
يعتقد أن الصورة الحالية غير كاملة إذ يوجد لوحات منسوخة من قبل رافائيل للموناليزا تظهر تفاصيل جانبية إضافية يعتقد بأنها قد أتلفت سابقا عند نقل اللوحة من إطار إلى إطار أخر. فرانشيسكو زوج الموناليزا لم يستلم اللوحة من دا فينشي، كون دا فينشي أخذ وقتا طويلا برسمها، ويعتقد بأن دا فينشي كان يسافر حاملا اللوحة معه ليعرض إسلوبه الجديد ومهاراته.
ورأى علماء من جامعة أمستردام أن سر نصف ابتسامتها يكمن في سعادتها، أو بعبارة أدق فإنها كانت سعيدة بنسبة 83 بالمائة. وقام العلماء بمسح رائعة ليوناردو دافينشي مسحا ضوئيا ثم حللوها باستخدام برنامج كمبيوتر متطور للغاية، تم تطويره بالتعاون مع جامعة إلينوي، يتيح تحليل العواطف المرتسمة على الوجه بدقة.
أظهرت نتائج تحليل انفعالات الوجه أن موناليزا كانت سعيدة بنسبة 83 في المائة، ومشمئزة بنسبة 9 في المائة، في حين أنها كانت خائفة بنسبة 6 في المائة، وغاضبة بنسبة 2 في المائة. كما بينت النتائج أن قسمات وجهها كانت تعكس أقل من 1 في المائة من الحياد، بينما اختفت من وجهها أي علامات تدل على الدهشة والمباغتة.
يذكر أن دافينشي استهل العمل في تحفته الرائعة، التي يزدان بها متحف اللوفر في باريس بفرنسا، عام 1503. ويٌعتقد أن هذا العمل، الذي يعرف أيضا باسم "لا جيوكندا"، صور زوجة فرانسيسكو ديل جيوكوندو. وعنوان اللوحة المشهورة ما هو إلا تحريف بسيط لاسم زوجها ويعني باللغة الإيطالية السيدة المبتهجة. وقال أستاذ في جامعة أمستردام، يدعى هورو ستوكمان، وشارك في تحليل الصورة، إنه كان يعرف مسبقا أن النتائج لن تكون علمية لأن البرنامج المستخدم لم يصمم لرصد العواطف الدقيقة المرتسمة على الوجه.
كذلك فإن التقنية المستخدمة في التحليل، صممت للاستخدام مع الأفلام والصور الرقمية الحديثة، وأنها تحتاج في البداية لإجراء مسح للصور في الحالة الطبيعية الحيادية الخالية من أية عواطف، وذلك للحصول على نتائج أكثر دقة.
ويبقى سر الابتسامة الغامضة والمحيرة للموناليزا التي رسمها الفنان الإيطالي ليوناردو دافينشي رمزا للأنوثة، ومع ذلك هناك عدد من الأسئلة المحيرة: هل الموناليزا من اختراع دافينشي؟ أم هل هي سيدة من شوارع فلورنسا أصبحت ملهمته في القرن الخامس عشرة؟
وقد اختلف المؤرخون لقرون عديدة حول هوية الموناليزا، وبرزت عدة نظريات، منها من يقول إنها والدته، أو رسم شخصي له أو حتى أنها قد تكون مومس من المدينة.